الجمعة، سبتمبر ١٤، ٢٠٠٧

ما تخافه أمريكا حاليا
عالم متعدد الأقطاب


في هذا يقول تقرير المجلس القومي الأمريكي للاستخبارات " هذا التحوّل إلى العالم متعدد الأقطاب، لن يكون بلا آلام .. و هو سيضرب الطبقات المتوسطة في الدول المتطوّرة بصفة خاصّة "، و هو هنا يتحدّث عن تراجع أكبر في الوظائف و فرص العمل، و تناقص في تدفّق استثمارات رؤوس الأموال .. باختصار يتنبّأ المجلس بأن الوضع لن يقف عند حدّ إعادة تقييم لتوازن القوى العالمية، بل يمضي إلى إحداث خسـارة فـي لثروات و الدخول، و بشكل عام مؤثّر على أمن العالم .
يعلّق كوبلان على هذا قائلا " هذه المؤشرات يجب أن تكون قد أصبحت واضحة لكل من يقرأ الصحف، فل يمرّ يوم دون قصّة جديدة، حول الكيفية التي نرهن بها مستقبلنا للبنك المركزي الصيني أو الياباني .." . ذلك لأن العجز في ميزانية الولايات المتحدة يقترب من نصف تريليون دولار، يجري تمويله عن طريق سندات الخزانة، كما أن العجز التجاري ـ و معظمه بسبب شراء السلع الصينية ـ يتجاوز الآن 3 تريليون دولار
و يطرح فريد كابلان مجموعة من المؤشرات الأمريكية السلبية، التي تنذر بالخطر
· الصين تقتحم أيضا سوق التجارة في أمريكا اللاتينية، و أيضا سوق التعليم و الثقافة و السياحة .
· طلبة الهندسة الآسيويون الذين كانوا يتجهون إلى أمريكا للدراسة، استبدلوها بالصين .
· انخفضت قيمة الدولار بمقدار الثلث في السنتين الأخيرتين، و مع انخفاض سعر فائدة الدولار، بدأ المستثمرون في سوق العملة ـ بما في ذلك الذين كانوا يمولون العجز الأمريكي ـ في تنويع ممتلكاتهم
· بدأت البنوك المركزية في الصين و اليابان و روسيا و الشرق الأوسط، التخفف من الدولار، لحساب اليورو، مما يجعل وضع الدولار خطرا

كيف يمكن أن نبيع الحرّية؟


يتساءل كابلان " ما الذي فعلته إدارة بوش، لتغيير هذا المسار، أو على الأقل لاتّقاء اللطمة ؟ .. فبينما يزعم بوش في خطاب الولاية الثانية أنّ أمريكا تقدّم الحرّية للشـعوب المقهورة في كل مكان، يفيد
تقرير مجلس الاستخبارات القومي، بالنسبة لآسيا و دعاوى بوش للأخذ بالديموقراطية، أن القادة الحاليين و المستقبليين، يبدون اهتماما أكبر بتطوير ما هو محسوس بين أيديهم، باعتباره أكثر نماذج الحكم فعالية ..
إلى أن يقول الكاتب كابلان " إذا كان الرئيس يريد حقيقة أن ينشر الحرية و الديموقراطية في أنحاء كوكبنا، فسيحتاج ـ بالإضافة إلى أشياء أخرى ـ أن يقدّم أمريكا باعتبارها نموذج الديموقراطية .. غير أن تقرير المخابرات الأمريكية يقول أن الذين ينظرون إلى أمريكا كنموذج لأي شيء يصبحون أقل فأقل .. لا يمكننا أن نبيع الحرية، إذا لم نكن قادرين أن نبيع أنفسنا ! .." .

مصانع تفريخ الإرهاب


و في جريدة واشنطون بوست، كتبت دانا بريست عن مشروع 2020 قائلة " لقد حلّت العراق محل أفغانستان، كأرض تدريب للجيل التالي من الإرهابيين ( المتخصّصين ) " . و تقول استنادا على التقرير، أنّه عندما نصل إلى عام 2020، ستخلف القاعدة جماعات أخرى من المتطرّفين المسلمين، و هي التي ستندمج مع الحركات الانفصالية المحلية.. الأمر الذي يجمع خبراء الإرهاب أنه يحدث فعلا، و يقول التقرير أن هذا النوع من الجماعات اللامركزية، دائمة التوالد و التشكّل، يكون كشفه و التغلّب عليه أكثر صعوبة
* * *

الذي يجب أن ننتبه إليه، أن الذي يحدث اليوم في الولايات المتحدة ليس جديدا، و هو حدث و يحدث في ظل الرئاسات سواء كانت ديموقراطية أو جمهورية.. باعتبار أنها نابعة من طبيعة نظام الحكم الأمريكي، القائم على سيطرة كبار الأغنياء على كل شيء ..
الخلاف بين ما كان يحدث دائما في الولايات المتحدة الأمريكية، و بين ما يحدث حاليا، هو اختلاف في الدرجة، و ليس في النوع .. غير أن التحوّل الأكبر في حياة البشر إلى مجتمع المعلومات، هو الذي يضخّم التناقضات التي يقوم عليها النظام الأمريكي ..
كيف رضخت الولايات المتحدة لذلك المخطط الجهنّمي الذي رسمت أبعاده جماعة من الأصوليين المسيحيين و اليهود، التي أطلقت على نفسها اسم " المحافظون الجدد " ؟ ..كيف أتيح لهذه العصابة أن يتضخّم نفوذها، الذي بدأ منذ أواخر أيام الرئيس ريجان ؟ ..
يعود الفضل في ذلك إلى اصطيادهم أنسب شخصية في التاريخ الأمريكي المعاصر .. جورج دبليو بوش !!، و هذه هي مفاجأة الرسائل التالية

خريطة المستقبل العالمي

مشروع 2020، يصدر ضمن الإطار الأوسع لمشروع " وضع خريطة للمستقبل العالمي " . و قد جاء
في مقدمة المشروع أن هدف هذه المشروعات هو إمداد صانع السياسة الأمريكية برؤية للطريقة التي يمكن بها أن تتطور التنمية البشرية، معرّفة بالفرص، و التطورات السلبية المحتملة، التي قد تحتاج إلى تحرّك سياسي .
لم يتم التفكير في هذه المشروعات في الأقبية السرية لأجهزة المخابرات الأمريكية، و لكن عن طريق
استشارة خبراء من جميع أنحاء العالم، خلال سلسلة من المؤتمرات الإقليمية، للوصول إلى منظور عالمي حقيقي . و في مشروع 2020، جرى استخدام التكنولوجيات المعلوماتية و الأدوات التحليلية، التي لم تكن متاحة في المشروعات السابقة . لقد طرح المشروع دراسة لأربعة سيناريوهات تخيلية، تعطي تنوعا من الصور للعالم الذي تخوضه أمريكا في المستقبل . و هذه السيناريوهات هي :
( 1 ) عام دافوس : و هو يصوّر كيف يمكن للنمو الاقتصادي العنيف الذي تقوده الصين و الهند، على مدى 15 سنة قادمة، أن يعيد تشكيل عملية العولمة، بإعطائها وجها غير غربي، ممّا ينعكس على صورة تغييرات في مجال التحركات السياسية أيضا .
( 2 ) السلام الأمريكي : و هذا السيناريو ينظر في مدى إمكان استمرار سيطرة الولايات المتحدة، في ظل التغيّرات الجذرية في ساحة السياسة العالمية، و التي تمهّد لنظام عالمي مختلف جديد .
( 3 ) خلافة جديدة : هذا السيناريو يطرح نموذجا لحركة عالمية، وقودها سياسات الهوية الدينية الأصولية، يمكن أن تشكّل تحديا للقيم و التقاليد الغربية، باعتبارها أساس النظام العالمي .
( 4 ) حلقات الخوف : هذا السيناريو يعطي نموذجا لما يقود إليه تكاثر الاهتمام بمواجهة التدخّل، من التورّط في عمليات و إجراءات أمنية، اقتحامية و غير مقبولة شعبيا، لمنع عمليات هجوم مميتة، ممّا يقود إلى خلق جو شبيه بالجو المخيف الذي رسمه أورويل في روايته الشهيرة .

عزل الولايات المتحدة

لفت هذا التقرير ، بعد نشره على موقع " المجلس القومي للاستخبارات الأمريكية "، انتباه الكتاب و المعلقين و الإعلاميين . و قد لفت نظري ما كتبه فريد كابلان في جريدة (سلايت ) تعليقا على هذا المشروع الذي يقول أنّه في هذا العالم الذي لا يبعد عنّا بأكثر من 15 سنة، يقول المشروع " ستعمل القوى القادمة الجديدة، و التي لن تقتصر على الصين و الهند، بل ربما انضمت إليها البرازيل و أندونيسيا .. ستعمل جميعا على تسريع التآكل في القوّة الأمريكية " . و يضيف المشروع أن هذا سيتم عن طريق اتباع " اسـتراتيجيات مرسومة لاستبعاد أو عزل الولايات المتحـدة، من أجل إرغامنا أو إغراءنا بالعمل وفقا
لقواعدهم .. " . و يقول كابلان أن السياسة الأمريكية تشجّع ذلك التوجّه، مستندا إلى ما جاء في التقرير من أن" انشغال الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، يتناقض إلى حدّ بعيد مع مقتضيات الأمن، في معظم آسيا " .
التقرير يقول أنه مع اعترافه بأهمية الحرب على الإرهاب، فهو يعتبر أن السؤال المحوري بالنسبة لمستقبل قوّة أمريكا و نفوذها، هو ما إذا كان في مقدور صنّاع السياسات بها " أن يقدّموا للدول الآسيوية رؤية مقبولة للأمن الإقليمي، و نظاما ينافس ـ و ربما يتفوّق على ـ ذلك الذي تقدمه الصين ؟ " . إذا كانت الإجابة بالنفي، فإن " الولايات المتحدة تكون قد انفصلت عن ما هو في صميم مصلحة الولايات المتحدة . يقول كابلان " الحلفاء الآسيويون الحاليون، الأرجح أن يزداد احتمال التحاقهم بالقطار الصيني، ممّا يتيح للصين أن تخلق أمنها الإقليمي الخاص، مستبعدة الولايات المتحدة .." . و قد يصل الأمر بالنسبة لهذه القوى الجديدة، أن تبحث عن آخرين تحاكيهم، و في هذا قد يكون تطلّعها إلى أوروبا،، و بالتحديد الاتحاد الأوروبي، و ليس الولايات المتحدة، كنموذج للحكم العالمي و الإقليمي .
و إلى الرسالة التالية لنرى مصدر الخوف الحالي لأمريكا .. أعني العودة إلى عالم متعدد الأقطاب

الخميس، سبتمبر ١٣، ٢٠٠٧

أمريكا .. إلى أين؟



هل تتبدّد قوّة أمريكا ؟

كيف تم هذا الاستيلاء الكامل على مقادير الولايات المتحدة؟ ، و متى بدأ ذلك
لقد سعت الرأسمالية الأمريكية الكبرى إلى تشكيل مجموعة من الأصوليين اليهود، و المسيحيين الصهيونيين، بقيادة ديك تشيني، أطلقت على نفسها اسم " المحافظون الجدد "، و كان هدفها التنظير و التخطيط للمحافظة على أموال الرأسمالية الأمريكية، و تنميتها، على حساب أي شيء و كلّ شيء . وقد صدرت استراتيجيتهم تحت اسم " مشروع القرن الأمريكي الجديد "، و الذي يقول عنه دافيد آرمسترونج " خطتهم أن تحكم الولايات المتحدة العالم، و تمنع أي منافسين من الظهور، و أن تسيطر على الأصدقاء، و الأعداء في نفس الوقت ..لم تكن خطتهم أن تصبح الولايات المتحدة قوية، أو الأقوى، بل أن تكون القوة الأقوى المتفرّدة . مع ذلك فقد ظلّت هذه الخطة تدور "أساسا حول المال و ليس السيطرة
لقد نجحت عصابة المحافظين الجدد في الاستيلاء على أمريكا و رئيسها، و فرضت الحرب الأمريكية على أفغانستان، ثم الحرب على العراق التي لم تنته بعد، و بدأت تتلفّت بحثا عن حروب جديدة في سوريا، أو إيران، أو السودان .. و ربما تستدير بعد ذلك إلى فنزويلا أو كوبا
و مع تدفّق مئات المليارات إلى خزائن تجار السلاح، و استيلاء تجار البترول على منابع بترول الدول المحتلة، تمهيدا لضخها سريعا قبل أن تتغيّر الأوضاع . و في نفس الوقت جرى اختصار ميزانيات التعليم و الرعاية الصحية و التأمين الاجتماعي لأفراد الشعب الأمريكي .. فماذا بعد ؟ .. هل تسقط أمريكا و تتبدد قوتها في المستقبل القريب ؟
قبل أن يضحك أحدكم
قبل أن يضحك أحدكم ساخرا، من هذا الذي يشبه حلم اليقظة، أقول أن الإجابة عن ذلك السؤال تكفّل بها "مركز التفكير الاستراتيجي ـ في المجلس القومي الأمريكي للاستخبارات "، وفق تقرير يحمل اسم "مشروع "2020"، مكوّن من 119، على موقع " المخـابرات المركزية الأمريكـية "، على الإنترنيت .
صدر هذا التقرير، عن " برنامج التحليل الاستراتيجي للمجلس القومي الأمريكي للاسـتخبارات" الذي يهتم بالبحث المنهجي للتنمية في الألفية الجديدة . و كان قد صدر بعد العامين الأولين من عمر المجلس " التوجّهات العالمية عام 2015.. مجموعة حوارات حول مستقبل الخبراء غير الحكوميين "
و إلى الرسالة القادمة، لنرى خريطة المستقبل العالمي كما ترسمها مجالس الاستخبارات الأمريكية