ما الذي يهدد أمريكا حاليا ؟
أهم ما يهدد الرأسمالية الأمريكية الحاكمة
· البترول، أو نوع الطاقة السائدة .
· السلاح، و نوع القوّة الشائعة .
· صناعة القرار، و نوع السلطة الحاكمة .
الطاقة الخطأ
الرأسمالية الحاكمة فهمت أن طاقة الحفريات، من بترول و غاز و فحم، لا تناسب طبيعة أو احتياجات مجتمع المعلومات، لعدة أسباب
( 1 ) لأنها طاقة غير نظيفة، تلوّث البيئة، في نقلها، و في استخدامها، و بما يصدر عنها من عوادم . بعكس أنواع أخرى مستحدثة من مصادر الطاقة، لا ينتج عنها ما يلوّث، مثل طاقة الاندماج النووي، و الطاقة الشمسية، و طاقة الأمواج أو طاقة باطن الأرض، إلى آخر ذلك
( 2 ) لأنها طاقة منقرضة، لا تتجدد، و تكاد أن تجف مصادرها في بعض المناطق، و يصبح الحصول عليها عملية غير اقتصادية في مناطق أخرى . في الوقت الذي تتوفّر فيه للبشر أنواع أخرى من الطاقة النظيفة الجديدة المتجددة .
( 3 )لأنها طاقة كانت ضرورية لمعظم النشاط الصناعي، خلال عصر الصناعة، لكنها غير ضرورية للصناعات المعلوماتية و الإلكترونية، التي تستهلك الأقل من الطاقة و الخامات .
الرأسمالية الأمريكية الحاكمة شعرت بالخطر الذي يتهدد مصالحها عند احتمال التحوّل عن الاعتماد على البتـرول، فقاومت محاولة الاعتمـاد على طاقة أخرى في تسيير السـيارات، و غيرذلك من المولدات و المحركات، و قررت أن تسارع بوضع يدها على مصادر البترول التي لم تستنفذ بعد، حتّى تطيل أمد أرباحها من السيطرة على تجارة و أسعار البترول
وكان هذا هو الخطأ الأوّل الذي ترتكبه أمريكا
القوّة الخطأ
وجدت الرأسمالية الأمريكية الحاكمة أن احتلالها العسكري لمخازن الثروة البترولية يتيح لها أن تضرب عصفورين بحجر واحد .. الاحتلال العسكري يعني حربا، و استخداما مكثّفا و مستمرا للسلاح، ممّا يسعد كبار تجار السلاح، و يقود إلى وضع اليد على منابع بترول جديدة ثرية، تسكت أصوات أبناء عصر المعلومات، المنادين بهجر البترول إلى مصادر أكثر نظافة و أمنا للطاقة ..
و هكذا تحوّلت أمريكا عن الاعتماد على قوة الثروة أو المعرفة، إلى قوّة العنف العسكري، التي تعتبر أسوأ أنواع القوّة و المفكر المستقبلي الكبير ألفن توفلر يرى أن قوّة العنف و القسر، كالاحتلال بالسلاح، تعتبر أسوأ الأنواع، فهي تولّد المقاومة، كما أنها غير مرنة، فهي لا تستخدم إلاّ في العقاب . و قوّة الثروة أو المال ـ على العكس من ذلك ـ تعتبر أداة قوّة أفضل بكثير، فهي تحقق الإثابة أو العقاب، وفقا للحاجة .. لذا يعتبرها توفلر نوعا متوسط القيمة .. ثم يقول توفلر أن أرقى أنواع القوة، تنبع من تطبيقات المعرفة .. قوّة العقل، التي تقوم عليها علاقات الحياة في مجتمع المعلومات . و هو يشرح قوله هذا قائلا " القوة ذات النوعية العالية، ليست ببساطة نوعا من السيطرة .. فهي تعني ما هو أكثر من هذا .. تعني الكفاءة : استخدام الأقل من مصادر القوّة للوصول إلى الهدف .. و هذا أيضا ما كانت الولايات المتحدة تسعى لإقناع العالم أنها تميل إليه، بعكس الدول الأوربية المستعمرة لشعوب العالم
لقد وجدت أمريكا نفسها مدفوعة بمصالح تجار السلاح و البترول، إلى الاعتماد على أقل أنواع القوة قيمة، قوة العنف المفرط الذي تستعرض ضروبه و مستحدثاته من الأسلحة الحربية في العراق، حيث توجد مخازن البترول
الأكثر ثراء، و أطول عمرا من مخازن بترول السعودية و الخليج، و غير ذلك من المستودعات التقليدية
و كان هذا هو الخطأ الثاني الذي ترتكبه أمريكا
الأكثر ثراء، و أطول عمرا من مخازن بترول السعودية و الخليج، و غير ذلك من المستودعات التقليدية
و كان هذا هو الخطأ الثاني الذي ترتكبه أمريكا
الديموقراطية الخطأ
أغرب ما في الأمر، أنه على قدر ما يتكرر حديث بوش و من معه عن الديموقراطية و أهميتها، و ضرورة ضمان التزامها في الدول العربية و الإسلامية، فإن النظام السياسي الأمريكي أبعد ما يكون عن جوهر الديموقراطية . رغم توفّر عناصر الإكسسوار الديموقراطي الشكلي في الولايات المتحدة الأمريكية، من ترشيحات، و مجمعات انتخابية، و دعايات انتخابية، و مناظرات كلامية، و صناديق انتخابية، و انتخابات عادية و إلكترونية .. فمع هذا كلّه تبدو أمريكا اليوم أبعد ما تكون عن جوهر الممارسة الديموقراطية .. حتّى بالنسبة لديموقراطية عصر الصناعة، ديموقراطـية التمثيل النيابي ..
ما تأخذ به الولايات المتحدة الأمريكية هو " بلوتوقراطية "، أي ديموقراطية كبار الأثرياء . هذا ما يقول به الكثير من العارفين و من بينهم النائب العام الأمريكي السابق رامزي كلارك، الذي قال في حديث صحفي محتدا :
لسنا ديموقراطية .. هذا سوء فهم فظيع، و تشويه لسمعة الديموقراطية،نحن ( بلوتوقراطية ) أي حكومة أثرياء .. تركيز الثروة، و التفرقة بين الغني و الفقير في الولايات المتحدة لا تجد له شبيها في أي مكان آخر
لسنا ديموقراطية .. هذا سوء فهم فظيع، و تشويه لسمعة الديموقراطية،نحن ( بلوتوقراطية ) أي حكومة أثرياء .. تركيز الثروة، و التفرقة بين الغني و الفقير في الولايات المتحدة لا تجد له شبيها في أي مكان آخر
و كان هذا هو الخطأ الثالث الذي ترتكبه أمريكا
و إلى رسالة تالية، لنرى الهوّة التي تمضي إليها الولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة لهذه الأخطاء الكبرى، التي تقود إلى حالة من الانفصام، الناتج عن التقدّم التكنولوجي، و التخلّف الاجتماعي و السياسي في نفس الوقت . راجي