السبت، يوليو ٠٤، ٢٠٠٩

3 موجات للانهيار المالي العالمي

الأزمة العالمية الشاملة في صيف 2009 :

تراكم ضغوط ثلاث موجات خبيثة
أحدث تقارير نشرة التوقعات الأوربية العالمية

على عكس ما هو سائد في الموقف السياسي و الإعلامي، لا يرى التقرير ـ وسط هذا الطور من الأزمة العالمية الشاملة ـ أي صعود اقتصادي مفاجئ في أعقاب صيف 2009 ( و لا في السنة التالية ) . . " بل على العكس من ذلك، و بسبب عدم التصدّي لأصول الأزمة، نتوقّع أن يشهد صيف 2009، تجمّع لثلاث موجات خبيثة شديدة التخريب، التي تجسّد تفاقم الأزمة، و تستتبع حلول الاضطراب الأكبر في سبتمبر و أكتوبر2009" .
و كما جرى الأمر منذ بداية هذه الأزمة، ستتأثّر كل منطقة من مناطق العالم، لا في نفس التوقيت، و لا في بنفس الطريقة . " و مع ذلك، و وفقا لما توصّل إليه باحثونا، ستتأثر جميع المناطق، بتأخّر ملموس في أوضاعها المالية، عند نهاية صيف 2009 " .
هذا التطوّر الجديد سيباغت عددا كبيرا من اللاعبين الاقتصاديين و الماليين، في غفلة منهم، نتيجة لتأثّرهم بالاتجاه السائد في وسائل الإعلام، المصمم على رفض الاعتراف بالواقع .

الموجات الثلاث

يقول التقرير أن الموجات الهدّامة الثلاث، ذات طبيعة اجتماعية و اقتصادية في نفس الوقت .. و هي تظهر في الصور التالية :
( 1 ) موجة بطالة ضخمة : هناك ثلاثة تواريخ مختلفة لضغوط هذه الموجة بالنسبة لدول أمريكا، و أوروبا، و آسيا، و الشرق الأوسط و أفريقيا .
( 2 ) موجة من عمليات الإفلاس المتسلسلة في المؤسسات و الشركات : بالنسبة للشركات، و البنوك، و العقارات، و الولايات، و الأقاليم، و المدن .
( 3 ) موجة الأزمة النهائية للدولار الأمريكي، و سندات الخزانة الأمريكية، و الجنيه الإسترليني .


هذه الموجات تختلف عن سابقاتها

يقول التقرير أن هذه الموجات تختلف عن سابقاتها، و هي أكثر خطورة، لأنّها تحدث في نفس الوقت، و بشكل متواقت، و لكونها متقاطعة غير متوازية . و من ثم، فتأثيرها على النظام العالمي، يضخّم المخاطر، لأنها تضرب من زوايا مختلفة، و بسرعة مختلفة، و بقوّة متباينة .
الشيء الوحيد الأكيد، في هذه المرحلة، هو أن النظام العالمي، لم يكن في يوم من الأيام على هذه الدرجة من الضعف، و عدم القدرة على المقاومة .


تفكك النظام النقدي العالمي

يقول التقرير أن النظام النقدي العالمي، يمرّ بحالة من التفكك و التحلل، بينما الروس و الصينيين ، بصفة خاصّة، يندفعون بسرعة لضمان موضعهم في عصر ما بعد الدولار . الشركات لا ترى أي تحسّن في مناخ الأعمال، و تسرع في إيقاع تسريح العمّال و الإغلاق . و عدد متزايد من الدول تترنّح تحت ثقل الديون المتراكمة، التي نشأت عن محاولة " إنقاذ البنوك " .. و هي على وشك مواجهة محنة الفشل عند نهاية هذا الصيف .
في الولايات المتحدة و المملكة المتحدة، بصفة خاصة، لم يعد الجهد الخارق الذي تم في مجال المال العام، في عام 2008 و بداية 2009، لحساب البنوك الكبرى لوحدها، يحظى بقبول شعبي، ممّا يجعل من المستحيل التفكير ضخ المزيد من المال العام في البنوك، في ربيع عام 2009 . لذا بدا من الضروري اختراع " حكاية خرافية " لإقناع المدّخر متوسّط القدرة، على ضخ ماله الخاص في النظام المالي .
و من ثمّ، فبينما كبار المستثمرين، من منتجي البترول و الدول الآسيوية يسحبون رؤوس أموالهم من هذه البنوك، يعود إليها صغار المستثمرين الأفراد، تملأهم الآمال . و بمجرّد أن يكتشف هؤلاء المستثمرين الصغار أن ما يقدمونه يشكل فقط قطرة من محيط معونات الإنقاذ التي جرى تقديمها لتلك البنوك، و أن هذه البنوك تصبح ثانية على وشك الانهيار، سيتحققون ـ بلا حول و لا قوّة ـ أن أسهمهم لم تعد ذات قيمة .
و سيفاجأ قادة العالم السياسيون، الذين تسمموا بحيل رجال المال، أنهم يواجهون ـ للمرة الثانية ـ ظهور جميع مشاكل العام الماضي، بشكل أكثر حدّة، لأنّه لم تتم مواجهتها بصراحة، بل جرى دفنها تحت أكوام المال العام .

الخلاصــة

بالنسبة لمئات الملايين من المواطنين، في أمريكا، و أوروبا، و آسيا، و أفريقيا، سيشكّل صيف 2009 عبورا مأساويا تجاه فقر مستمر، نتيجة لفقدان الوظائف، و دون وجود أمل في العثور على غيرها على مدى إثنان أو ثلاثة أو أربعة أعوام، أو نتيجة لفقدهم مدّخراتهم المستثمرة في البورصة، و صناديق المعاشات، أو في استثمارات بنوك ترتبط بأسواق المال، أو خاضعة للدولار الأمريكي، أو الجنيه الإسترليني، أو في استثمار في شركات واقعة تحت ضغوط الانتظار، بلا أمل، لتحسّن في الأوضاع، لن يتحقق قريبا .

راجي عنايت

بتصرف عن :
Public announcement Special Summer 2009 GEAB N°36 (June 17 2009)

الخميس، يوليو ٠٢، ٢٠٠٩

اختراع العجلة من جديد


مولد عالم جديـــد
لا يعتمد على الدولار الأمريكي


بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تمارس ألعابها المنهكة في مجال الجغرافيا السياسية، على الحدود الروسية، كان الرئيس الروسي ديمتري ميديفييف منشغلا في رسم خريطة واقع اقتصادي سياسي جديد، في قلب أوراسيا، و بالتحديد في مدينة " ييكاترينبورج "، حيث عقد قادة الدول التي يطلق عليها " بريك ـ BRIC" مؤتمر قمتها الأوّل ( بريك ترمز إلى : البرازيل، و روسيا، و الهند، و الصين ) .
قال ميديفييف، مخاطبا باقي الرؤساء " النظام الحالي الأحادي المختلق، يقوم على مركز استهلاك هائل، يعتمد في تمويله على عجز الميزانية المتنامي .. لعملة احتياط كانت قوية يوما ما .." . و تابع قائلا أن جذور الأزمة المالية العالمية الحالية، هو أن تعمل القليل، و تنفق الكثير . و استطرد " مطلوب من هذه القمّة أن تخلق الظروف المواتية لإرساء نظام عالمي أكثر عدلا .."، قال ذلك، بينما كان الرؤساء يؤمنون على كلماته، الرئيس الصيني هيو جينتاو، و الرئيس البرازيلي لويز إناشيو، و رئيس الوزراء الهندي لولا دي سيلفا .
و مجموعة دول بريك BRIC، تشكّل 15 في المائة من اقتصاد العالم، و 40 في المائة من احتياطي العملات العالمية، و نصف تعداد سكان العالم . كما أن البرازيل و الهند و الصين، استطاعت التعامل مع الأزمة المالية العالمية، بنتائج أفضل من دول العالم جميعا .

مطلوب عملة احتياط عالمية محايدة

و قد طالب الرئيس ميديفييف صندوق النقد الدولي بإدخال الروبل الروسي و الين الصيني ضمن سلّة العملات التي تقيّم بها منتجاتها المالية . و أبعد من هذا، ما طالب به حاكم البنك المركزي الصيني، بأن يصبح هدفنا الآن هو خلق عملة احتياط " منفصلة عن عملة أي دولة بعينها " .
الولايات المتحدة أصبحت الآن أكبر دولة مدينة في العالم، لكن الغريب في الأمر أنها تحاشت آلام " التعديل البنيوي " الذي يفرضه صندوق النقد الدولي على غير ذلك من الاقتصاديات المدينة، رافضة تخفيض ميزانيتها العسكرية المتضخّمة، أو زيادة ضرائبها بشكل معقول . " لا يجب أن يظل الاقتصاد العالمي مشتبكا، بشكل مباشر و بلا ضرورة، مع تقلبات قوّة وحيدة كبيرة في العالم "، قال روبرتو مانجابيرا أونجر، وزير العلاقات الاستراتيجية البرازيلي .

ديون أمريكا .. و ميزانيتها العسكرية

لن تستطيع الولايات المتحدة أن " تسدّد " ديونها لدي الحكومات الأجنبية، و البنوك المركزية لهذه الحكومات قد أنشأت الصناديق التي خصصت لتسوية إغراق الدولار عالميا . يو يونجدينج مستشار البنك المركزي الصيني سابقا، و الذي يحاضر حاليا في أكاديمية العلوم الصينية، ينصح وزير خزانة الولايات المتحدة، تيم جيثنر، بأن تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة مدخراتها، بتخفيض نفقاتها العسكرية . و يقول لا يحتمل أن يزيد عائد الضرائب في الولايات المتحدة في المدى القريب، نتيجة هبوط النمو الاقتصادي، و الإنفاق غير المرن، و تكلفة الدخول في حربين .." . ( ملحوظة : كان ذلك قبل أن يدخل أوباما الحرب الثالثة في باكستان ) .

من الدولار الذهب .. إلى الورق !

لقد بدأت مجموعة "بريك" في سحب نظام دعم الحياة، الذي اعتمدت عليه الولايات المتحدة منذ أن استكمل لها نيكسون العبور من نظام غطاء الذهب كاحتياطي للعملة، إلى الدولار الورق ـ بلا غطاء ـ في عام 1971 .
يينج فينجن، من المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، يقول " لقد أعطت الأزمة المالية دعما مطلوبا للغاية، للزمالة حديثة العمر بين البرازيل و روسيا و الهند و الصين، كما ساعدت في وصول صوتنا إلى كل مكان " . أمّا جلبيرتو راموس، رئيس الغرفة البرازيلية ـ الروسية للتجارة و الصناعة و السياحة، فيحذّر المتشائمين، قائلا أن دول "بريك" مفعمة بالقوّة الحقة على مستوى القارات، و بينها من النواحي المشتركة ما هو كثير للغاية .. " .

الجاسوس الأمريكي .. و النظام المالي العالمي

و ينهي صاحب هذه الدراسة إريك والبيرج حديثه قائلا :
في حالة إذا ما كان أوباما لم يلاحظ بعد، أوراسيا تلتحم الآن، ليس حول جورجيا الصغيرة، و شقيقها الأكبر بولندا، بزعم أنهما قواعد أمامية لإمبراطورية الولايات المتحدة القوية، و لكن حول الصين، و روسيا و الهند . كما يحسن صنعا لو تذكّر أن مدينة ( ييكاترينبورج ) ليست مشهورة فقط لماضيها الروسي، و لكن لارتباطها بالجاسوس الأمريكي جاري باورز، الذي تم إسقاط طائرته عام 1960، استعارة مناسبة للطريقة التي تستهدف بها كلّ من روسيا و الصين النظام المالي العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة .." .


بتصرّف عن :إريك والبيرج