الثلاثاء، أغسطس ٠٤، ٢٠٠٩

هدية مبارك لأوباما

أفضل هديه يحملها مبارك لأوباما :

هل يقبل أوباما هذه الهدية التي يحتاجها الشعب الأمريكي ـ الأولى بالرعاية ـ و التي تحمل الخطوط لعريضة للاستراتيجية، التي لن تقدمها إليه أيّ من الجهات التي ترسم له سياساته .. و التي ظهرت في كتابي الذي يحمل نفس العنوان، و نشرته دار نهضة مصر، أيام حكم بوش، عام 2006 .. و الأهم، هل يقبل مبارك أن يقدّمها له ؟ .

أمريكا ...إلى أيـــن ؟!

الديموقراطية الخطأ .. الطاقة الخطأ .. القوّة الخطأ .. و الحليف الخطأ !



أهم ما يهدد الرأسمالية الأمريكية الحاكمة :
· البترول، أو نوع الطاقة السائدة .
· السلاح، و نوع القوّة الشائعة .
· صناعة القرار، و نوع السلطة الحاكمة .
· إسرائيل، أو الحليف الدائم .

* * *

الطاقة الخطــأ

طاقة الحفريات، من بترول و غاز و فحم، لا تناسب طبيعة أو احتياجات مجتمع المعلومات، لعدة أسباب :
( 1 ) لأنها طاقة غير نظيفة، تلوّث البيئة، في نقلها، و في استخدامها، و بما يصدر عنها من عوادم . بعكس أنواع أخرى مستحدثة من مصادر الطاقة، لا ينتج عنها ما يلوّث، مثل طاقة الاندماج النووي، و الطاقة الشمسية، و طاقة الأمواج أو طاقة باطن الأرض، إلى آخر ذلك .
( 2 ) لأنها طاقة منقرضة، لا تتجدد، و تكاد أن تجف مصادرها في بعض المناطق، و يصبح الحصول عليها عملية غير اقتصادية في مناطق أخرى . في الوقت الذي تتوفّر فيه للبشر أنواع أخرى من الطاقة النظيفة الجديدة المتجددة .
( 3 )لأنها طاقة كانت ضرورية لمعظم النشاط الصناعي، خلال عصر الصناعة، لكنها غير ضرورية للصناعات المعلوماتية و الإلكترونية، التي تستهلك الأقل من الطاقة و الخامات .
شعرت الرأسمالية الأمريكية الحاكمة بالخطر الذي يتهدد مصالحها عند احتمال التحوّل عن الاعتماد على البتـرول، فقاومت محاولة الاعتمـاد على طاقة أخرى في تسيير السـيارات، و غير
ذلك من المولدات و المحركات، و قررت أن تسارع بوضع يدها على مصادر البترول التي لم تستنفذ
بعد، حتّى تطيل أمد أرباحها من السيطرة على تجارة و أسعار البترول ..
و هذا ينقلنا إلى التهديد الثاني الذي يتناقض مع مصالحها . أعني الاعتماد على القوّة الخطأ .


ــــــــــــــــــ


القوّة الخطــأ

وجدت الرأسمالية الأمريكية الحاكمة أن احتلالها العسكري لمخازن الثروة البترولية يتيح لها أن تضرب عصفورين بحجر واحد .. الاحتلال العسكري يعني حربا، و استخداما مكثّفا و مستمرا للسلاح، ممّا يسعد كبار تجار السلاح، و يقود إلى وضع اليد على منابع بترول جديدة ثرية، تسكت أصوات أبناء عصر المعلومات، المنادين بهجر البترول إلى مصادر أكثر نظافة و أمنا للطاقة ..
و هكذا تحوّلت أمريكا عن الاعتماد على قوة الثروة أو المعرفة، إلى قوّة العنف العسكري، التي تعتبر أسوأ أنواع القوّة .
و المفكر المستقبلي الكبير ألفن توفلر، له كتاب هام حول تحوّل القوّة، و تغيّر نوعها، على مختلف العصور . و قد يكون من المفيد أن نورد هنا جانبا من أهم أفكار ذلك الكتاب، و التي توضّح سر العداء بين الرأسمالية الأمريكية ومجتمع المعلومات .
و هو يرى أن قوّة العنف و القسر، كالاحتلال بالسلاح، تعتبر أسوأ الأنواع، فهي تولّد المقاومة، كما أنها غير مرنة، فهي لا تستخدم إلاّ في العقاب . و قوّة الثروة أو المال ـ على العكس من ذلك ـ تعتبر أداة قوّة أفضل بكثير، فهي تحقق الإثابة أو العقاب، وفقا للحاجة .. لذا يعتبرها توفلر نوعا متوسط القيمة . و كانت الولايات المتحدة حتّى عهد قريب، تميل إلى الاعتماد على هذه النوعية المتوسطة للقوّة، قبل أن تنتكس تحت ضغط عصابة المحافظين الجدد، التي تعمل لحساب الرأسمالية الحاكمة .
ثم يقول توفلر أن أرقى أنواع القوة، تنبع من تطبيقات المعرفة .. قوّة العقل، التي تقوم عليها علاقات الحياة في مجتمع المعلومات . و هو يشرح قوله هذا قائلا " القوة ذات النوعية العالية، ليست ببساطة نوعا من السيطرة .. فهي تعني ما هو أكثر من هذا .. تعني الكفاءة : استخدام الأقل من مصادر القوّة للوصول إلى الهدف .. و هذا أيضا ما كانت الولايات المتحدة تسعى لإقناع العالم أنها تميل إليه، بعكس الدول الأوربية المستعمرة لشعوب العالم " .
لقد وجدت أمريكا نفسها مدفوعة بمصالح تجار السلاح و البترول، إلى الاعتماد على أقل أنواع القوة قيمة، قوة العنف المفرط الذي تستعرض ضروبه و مستحدثاته من الأسلحة الحربية في العراق، حيث توجد
مخازن البترول الأكثر ثراء، و أطول عمرا من مخازن بترول السعودية و الخليج، و غير ذلك من المستودعات التقليدية .
ـــــــــــــــــــــ


الديموقراطية الخطــأ

و بقي أن نتحدّث عن نظام صناعة القرار، و نوع الديموقراطية الذي يتّفق مع طبيعة البني المختلفة الأخرى التي يقوم عليها مجتمع المعلومات .
أغرب ما في الأمر، أنه على قدر ما تكرر حديث بوش و من معه عن الديموقراطية و أهميتها، و ضرورة ضمان التزامها في الدول العربية و الإسلامية، فإن النظام السياسي الأمريكي أبعد ما يكون عن جوهر الديموقراطية .
رغم نوفّر عناصر الإكسسوار الديموقراطي الشكلي في الولايات المتحدة الأمريكية، من ترشيحات، و مجمعات انتخابية، و دعايات انتخابية، و مناظرات كلامية، و صناديق انتخابية، و انتخابات عادية و إلكترونية .. فمع هذا كلّه تبدو أمريكا اليوم أبعد ما تكون عن جوهر الممارسة الديموقراطية .. حتّى بالنسبة لديموقراطية عصر الصناعة، ديموقراطـية التمثيل النيابي .. ما تأخذ به الولايات المتحدة الأمريكية هو " بلوتوقراطية "، أي ديموقراطية كبار الأثرياء . هذا ما يقول به الكثير من العارفين و من بينهم النائب العام الأمريكي السابق رامزي كلارك، الذي قال في حديث صحفي محتدا :
" لسنا ديموقراطية .. هذا سوء فهم فظيع، و تشويه لسمعة الديموقراطية .. في الحقيقة نحن ( بلوتوقراطية ) أي حكومة أثرياء .. تركيز الثروة، و التفرقة بين الغني و الفقير في الولايات المتحدة لا تجد له شبيها في أي مكان آخر .." .
و في هذا، يقول أيضا نعوم شومسكي المفكّر الأمريكي، تعليقا على انتخابات الولاية الثانية لبوش " لا تفعل الحملة الرئاسية للولايات المتحدة سوى أن تشير إلى العجز الديموقراطي الحاد في أقوى دول العالم، فبإمكان الأمريكيين أن يختاروا بين اثنين من أعضاء أكبر حزبين، ولدا في أحضان الثروة و السلطة و السياسة، و درسا في نفس جامعة النخبة الأمريكية، وانضمّا إلى نفس المجتمع السرّي الذي يفرض على أعضائه أسلوب و وسائل الحكم، و هما يستطيعان الدخول إلى هذه المنافسة، بفضل تمويل كلّ منهما، على أيدي نفس قوى المؤسسات الاقتصادية .." .
و لا شك أن حكومات كبار الأثرياء قد استشعرت المخاطر التي يمكن أن يحدثها التحوّل إلى مجتمع المعلومات، و احتمالات سيادة نوع جديد من الممارسة الديموقراطية، يتّفق مع باقي التحولات التي تصاحب انتقالنا إلى مجتمع المعلومات، و لا يتّفق مع مصالح احتكارات البترول و السلاح و المقاولات..
لهذا كان من الطبيعي أن ترفض هذه الاحتكارات سيادة ممارسة ديموقراطية جديدة، مثل ديموقراطية المشاركة، التي يري المفكّرون المستقبليون أنها أكثر أشكال الممارسة السياسية اتّفاقا مع مقتضيات الحياة في مجتمع المعلومات، و التي يقوم فيها المواطن بالمشاركة شخصيا في اتخاذ القرار، دون أن يضطر إلى توكيل شخص آخر ليمثله، نتيجة لثورة المعلومات، و التكنولوجيات المعرفية من كمبيوتر و الإنترنيت، و فيض المعارف التي توفرها وسائل الاتصال العالمية، الني تجعل الناخب لا يقلّ معرفة عن المرشّح، بل يكون أكثر معرفة بمصالحه فيما يمسّ حياته .. ثم نتيجة لانقضاء جدوى النظم المركزية التي كان المجتمع
الصناعي يتمسّك بها، تعتمد ديموقراطية المشاركة على نظام إداري لامركزي، يعتمد على إدارة محلّية شاملة في كل شيء، وفقا للاستراتيجية العامة للدولة .


ــــــــــــــــــــــــــــــــ


الحليف الخطــأ

هل أمريكا حرّة في اتخاذ القرارات التي تتفق مع مصالحها الحقيقية، أعني مصالح شعبها، على المدى البعيد ؟ .." هذا هو السؤال الصعب، بل الأصعب .
الشرط الكافي و اللازم لإصلاح ما أفسده النظام الحاكم الأمريكي، بعد أن نجحت إسرائيل في السيطرة على عقل القيادات الأمريكية، بالضغط، و التآمر، و بغسيل المخ المتواصل الذي لا ينجو منه أحدا، في أي ولاية من ولايات أمريكا .. الشرط اللازم و الكافي، هو أن تخرج الولايات المتحدة من ذلك الفخ المحكم الذي نصبته الصهيونية العالمية، من خلال خطتها الكبرى .
و أنا في هذا، لن أعتمد على مجرّد عاطفتي أو رأيي .. دعونا نسمع ما يقوله الأمريكيون الشرفاء في هذا الصدد ..
يقول عضو الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري، بول فيندلي أن الحكومة الأمريكية كانت في وقت سابق محبوبة في أنحاء العالم، لكنّها وجدت نفسها ملعونة في معظم الدول، من أهم أسـباب هذه الظاهرة، دعم أمريكا غير المشـروط لعدوان إسـرائيل، ضربها الحائط بميثاق الأمم المتحدة، و القانون الدولي، و مبادئ جميع الأديان المعروفة . و هو يتساءل : كيف استدرج الشعب الأمريكي إلى هذا الفخّ ؟
بفضل التأثير الخانق للوبي الإسرائيلي في أمريكا، على مدى 35 سنة، اختفى الحوار الصريح حول الصراع العربي الإسرائيلي في حكوماتنا .
نسيطر على أمريكا ! ..
عندما شاع خبر عن تجسس إسرائيل على أسرار وزارة الدفاع الأمريكية، توقّع البعض حدوث أزمة بين إسرائيل و أمريكا .. أو رد فعل غاضب من أمريكا، على أقلّ تقدير .. لكن الأمرمضى و كأنه حادث مرور في ضاحية من ضواحي واشنطون ! .
لكي نفهم السرّ في هذا، علينا أن نعود إلى ما أذاعه راديو " هنا إسرائيل "، في 3 أكتوبر 2001 .
قالت الإذاعة العبرية أن شيمون بيريز حذّر آرييل شارون من أن رفض طلب أمريكا لوقف النار مع الفلسطينيين قد يهدد مصالح إسرائيل، " بحيث تتحوّل الولايات المتحدة إلى خصم لنا .." . هنا، استدار شارون الغاضب ليواجه بيريز، و هو يقول بحدّة " كلما فعلنا شيئا تقول لي أن الأمريكيين سيفعلون هذا أو ذاك .. أريد أن أخبرك بشيء، بكلّ وضوح، لا تقلق حول ضغوط أمريكية على إسرائيل .. فنحن، الشعب اليهودي، نسيطر على أمريكا .. و الأمريكيون يعرفون ذلك .." .
هذا هو ما تقوله إذاعة " هنا إسرائيل"، و هي بالقطع ليست معادية للسامية .. و أيضا تقول جريدة "هاآرتز" في 11 فبراير 2004 ( و هي أيضا بالقطع ليست معادية للسامية )، أن حرب العراق هي من بين أفكار 25 مثقفا من المحافظين الجدد، معظمهم يهود .. و هم الذين دفعوا الرئيس بوش لتغيير مسار التاريخ ..! .
منذ نصف قرن، عندما كنّا نقول أن أمريكا هي إسرائيل، و إسرائيل هي أمريكا، كنّا نتّهم بالسذاجة السياسية .. و تمر الأيام لنكتشف أن إسرائيل هي التي تتحكّم في أمريكا.

* * *

و هكذا، تضاف إلى المهام الصعبة المطروحة على الشعب الأمريكي مهمّة إضافية .. و يصبح السبيل إلى إنقاذ الحياة الأمريكية، و تخليصها من أيدي المسيطرين عليها، يقتضي مراجعة خطأ جديد يضاف إلى الأخطاء الثلاثة : الديموقراطية الخطأ، و القوّة الخطأ، و الطاقة الخطأ ....هو الحليف الخطأ ! .