الخميس، يوليو ٠٢، ٢٠٠٩

اختراع العجلة من جديد


مولد عالم جديـــد
لا يعتمد على الدولار الأمريكي


بينما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تمارس ألعابها المنهكة في مجال الجغرافيا السياسية، على الحدود الروسية، كان الرئيس الروسي ديمتري ميديفييف منشغلا في رسم خريطة واقع اقتصادي سياسي جديد، في قلب أوراسيا، و بالتحديد في مدينة " ييكاترينبورج "، حيث عقد قادة الدول التي يطلق عليها " بريك ـ BRIC" مؤتمر قمتها الأوّل ( بريك ترمز إلى : البرازيل، و روسيا، و الهند، و الصين ) .
قال ميديفييف، مخاطبا باقي الرؤساء " النظام الحالي الأحادي المختلق، يقوم على مركز استهلاك هائل، يعتمد في تمويله على عجز الميزانية المتنامي .. لعملة احتياط كانت قوية يوما ما .." . و تابع قائلا أن جذور الأزمة المالية العالمية الحالية، هو أن تعمل القليل، و تنفق الكثير . و استطرد " مطلوب من هذه القمّة أن تخلق الظروف المواتية لإرساء نظام عالمي أكثر عدلا .."، قال ذلك، بينما كان الرؤساء يؤمنون على كلماته، الرئيس الصيني هيو جينتاو، و الرئيس البرازيلي لويز إناشيو، و رئيس الوزراء الهندي لولا دي سيلفا .
و مجموعة دول بريك BRIC، تشكّل 15 في المائة من اقتصاد العالم، و 40 في المائة من احتياطي العملات العالمية، و نصف تعداد سكان العالم . كما أن البرازيل و الهند و الصين، استطاعت التعامل مع الأزمة المالية العالمية، بنتائج أفضل من دول العالم جميعا .

مطلوب عملة احتياط عالمية محايدة

و قد طالب الرئيس ميديفييف صندوق النقد الدولي بإدخال الروبل الروسي و الين الصيني ضمن سلّة العملات التي تقيّم بها منتجاتها المالية . و أبعد من هذا، ما طالب به حاكم البنك المركزي الصيني، بأن يصبح هدفنا الآن هو خلق عملة احتياط " منفصلة عن عملة أي دولة بعينها " .
الولايات المتحدة أصبحت الآن أكبر دولة مدينة في العالم، لكن الغريب في الأمر أنها تحاشت آلام " التعديل البنيوي " الذي يفرضه صندوق النقد الدولي على غير ذلك من الاقتصاديات المدينة، رافضة تخفيض ميزانيتها العسكرية المتضخّمة، أو زيادة ضرائبها بشكل معقول . " لا يجب أن يظل الاقتصاد العالمي مشتبكا، بشكل مباشر و بلا ضرورة، مع تقلبات قوّة وحيدة كبيرة في العالم "، قال روبرتو مانجابيرا أونجر، وزير العلاقات الاستراتيجية البرازيلي .

ديون أمريكا .. و ميزانيتها العسكرية

لن تستطيع الولايات المتحدة أن " تسدّد " ديونها لدي الحكومات الأجنبية، و البنوك المركزية لهذه الحكومات قد أنشأت الصناديق التي خصصت لتسوية إغراق الدولار عالميا . يو يونجدينج مستشار البنك المركزي الصيني سابقا، و الذي يحاضر حاليا في أكاديمية العلوم الصينية، ينصح وزير خزانة الولايات المتحدة، تيم جيثنر، بأن تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة مدخراتها، بتخفيض نفقاتها العسكرية . و يقول لا يحتمل أن يزيد عائد الضرائب في الولايات المتحدة في المدى القريب، نتيجة هبوط النمو الاقتصادي، و الإنفاق غير المرن، و تكلفة الدخول في حربين .." . ( ملحوظة : كان ذلك قبل أن يدخل أوباما الحرب الثالثة في باكستان ) .

من الدولار الذهب .. إلى الورق !

لقد بدأت مجموعة "بريك" في سحب نظام دعم الحياة، الذي اعتمدت عليه الولايات المتحدة منذ أن استكمل لها نيكسون العبور من نظام غطاء الذهب كاحتياطي للعملة، إلى الدولار الورق ـ بلا غطاء ـ في عام 1971 .
يينج فينجن، من المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، يقول " لقد أعطت الأزمة المالية دعما مطلوبا للغاية، للزمالة حديثة العمر بين البرازيل و روسيا و الهند و الصين، كما ساعدت في وصول صوتنا إلى كل مكان " . أمّا جلبيرتو راموس، رئيس الغرفة البرازيلية ـ الروسية للتجارة و الصناعة و السياحة، فيحذّر المتشائمين، قائلا أن دول "بريك" مفعمة بالقوّة الحقة على مستوى القارات، و بينها من النواحي المشتركة ما هو كثير للغاية .. " .

الجاسوس الأمريكي .. و النظام المالي العالمي

و ينهي صاحب هذه الدراسة إريك والبيرج حديثه قائلا :
في حالة إذا ما كان أوباما لم يلاحظ بعد، أوراسيا تلتحم الآن، ليس حول جورجيا الصغيرة، و شقيقها الأكبر بولندا، بزعم أنهما قواعد أمامية لإمبراطورية الولايات المتحدة القوية، و لكن حول الصين، و روسيا و الهند . كما يحسن صنعا لو تذكّر أن مدينة ( ييكاترينبورج ) ليست مشهورة فقط لماضيها الروسي، و لكن لارتباطها بالجاسوس الأمريكي جاري باورز، الذي تم إسقاط طائرته عام 1960، استعارة مناسبة للطريقة التي تستهدف بها كلّ من روسيا و الصين النظام المالي العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة .." .


بتصرّف عن :إريك والبيرج

هناك تعليقان (٢):

Dr. Kafy يقول...

تحاليل رائعة أنا أشكرك على إطلاعنا على كل هذا الفكر.

Ragy Enayat يقول...

أشكرك على اهتمامك .. و إلى اللقاء في محاولات جديدة للفهم .. تحياتي، راجي